الجزء
الثاني: معنى المسيح, والدَّجَّال, والمسيخ, والأعور
كما علمنا في الجزء الأوَّل أنَّ: الْمَسِيْحَ الدَّجَّال أو الْمَسِيْخَ الدَّجَّال أو مَسِيْحَ الضَّلالَة أو
الأَعْوَرَ الدَّجَّال هِيَ: مُسَمَّياتٌ لِرَجُلٍ مِنْ
بني آدمَ, وهُوَ
أوّل عَلامَاتِ السَّاعةِ الكُبْرَى. فما هي دِلالات هذهِ الْمُسَمَّيات؟؟
أولا:
معنى الْمَسِيْح:
جَاءَ في لِسَان
الْعَرب([1])
:(
ورجلٌ مَمْسوحُ الوجهِ ومَسِيحٌ: ليسَ عَلى أَحَد شَقَّيْ وَجْهِهِ عَيْنٌ وَلا حَاجِبٌ.
والمَسِيحُ الدَّجَّالُ: منه على هذه الصفة؛ وقيل: سُمّيَ بذلكَ لأَنه مَمْسوحُ
العين. .... والمَسيحُ الصِّدِّيقُ وبه سُمّيَ عِيْسَى عليه السلامُ؛ .... قيل: سُمّيَ
بذلك لِصِدْقِهِ، وقيل: سُمّيَ بهِ لأَنهُ كانَ سَائِحَاً في الأرَضِ لا يَسْتَقِرّ،
وقيل: سُمّيَ بذلكَ لأَنَّهُ كانَ يمسحُ بيدهِ عَلى العَليلِ والأَكمهِ والأَبرص
فيبرئهُ بإِذنِ الله؛... وسُمّيَ الدَّجَّالُ مَسِيْحَاً لأَنَّ عينَهُ ممسوحةٌ عنْ
أَنْ يُبْصر بها، .... ورُويَ عن أَبي الهيثم أَنهُ قالَ: المسيح بن مريم
الصِّدِّيق، وضدُّ الصِّدِّيق المسيحُ الدَّجَّالُ أَي الضِّلِّيلُ الكذَّاب. خلق
الله المَسِيحَيْنِ: أَحدهما ضدُ الآخر، فكان المسِيحُ بن مريم يبرئ الأَكمه
والأَبرص ويحيي الموتى بإِذن الله، وكذلك الدَّجَّالُ يُحْيي الميتَ ويُمِيتُ
الحَيَّ ويُنْشِئُ السحابَ ويُنْبِتُ النباتَ بإِذنِ اللهِ، فَهُمَا مَسِيحَانِ:
مسيح الهُدَى ومسيح الضلالة.) أ.ه
إذنْ؛ الْمَسِيْح: تُطْلَقُ عَلى نَبِيِّ اللهِ عِيسَى
بنِ مَرْيَمَ عَليه
السَّلامُ, وعلى الدَّجَّال. فَإِذَا قُصِدَ بِهَا الدَّجَّال قُيِّدَتْ بِهِ فَقِيْل:( الْمَسِيْح الدَّجَّال), وَإذَا قُصِدَ بِهَا عِيسَى
بنِ مَرْيَمَ عَليه
السَّلامُ أُطْلِقَتْ فَقِيْل:(الْمَسِيْح).
وَقَدْ نَعَتَ رَسُولُ
اللهِ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ
بِمَسِيحِ الضَّلالَةِ؛ ليُفْهَمَ لَنَا
أنَّ نَبِيَّ اللهِ عِيسَى
بن مَرْيَمَ عَليه
السَّلامُ هُوَ مَسِيْحُ الهُدى؛ قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وصحبهِ وَسَلَّمَ: "....
وَأَمَّا مَسِيحُ الضَّلالَةِ فَإِنَّهُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ أَجْلَى الْجَبْهَةِ
عَرِيضُ النَّحْرِ.. "([2])
إذنْ؛ كِلاهُما سُمّيَ بالمسيحِ, وَلَكنْ مِنَ الجَدِيرِ بالذِّكْرِ
هُنَا أنَّ الْمَسِيْحَيْن - مَسِيْحَ الهُدى (عِيسَى
بن مَرْيَمَ عَليه
السَّلامُ), ومَسِيحَ الضَّلالَةِ (الدَّجَّال) - رغْمَ الفَوُارِق بَيْنهما إلا أنَّ هُنَالِكَ مَا
يَجْمَعُ بَيْنهما غير اسْمِ المسيحِ, وغير الصِّفةِ البَشَريَّةِ ؛ وَمِنْ ذَلكَ:
1- أنَّ عِيسَى بن
مَرْيَمَ عَليه
السَّلامُ كانَ يُبْرِئُ العَليلَ, ويُحيي الموتى بإِذنِ الله وعونِهِ: {أَنِّي
أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ
طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى
بِإِذْنِ اللّهِ }.([3]) وإنَّ
الدَّجَّالَ سَيَفْعَلُ شِبْهَ ذلكَ, وَسَيَحيي الميتَ ويُمِيتُ الحَيَّ بإِذن
اللهِ وَعونِ الشَّياطِين؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله
وصحبهِ وَسَلَّمَ: " ...فَيَقُولُ الدَّجَّالُ لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ
الْبَادِيَةِ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ إِبِلَكَ ضِخَامًا ضُرُوعُهَا عِظَامًا
أَسْنِمَتُهَا أَتَعْلَمُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ, فَتَمَثَّلُ لَهُ
الشَّيَاطِينُ عَلَى صُورَةِ إِبِلِهِ فَيَتَّبِعُهُ وَيَقُولُ لِلرَّجُلِ:
أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ أَبَاكَ وَابْنَكَ وَمَنْ تَعْرِفُ مِنْ أَهْلِكَ
أَتَعْلَمُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ, فَيُمَثِّلُ لَهُ الشَّيَاطِينَ
عَلَى صُوَرِهِمْ فَيَتَّبِعُهُ".([4])
2- أنَّ عِيسَى بن
مَرْيَمَ عَليه
السَّلامُ كانَ سَائِحَاً في الأرَضِ لا يَسْتَقِرّ. وإنَّ الدَّجَّالَ سَيَكونُ
سَائِحَاً في الأرَضِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وصحبهِ
وَسَلَّمَ: " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي
خَفْقَةٍ مِنَ الدِّينِ، وَإِدْبَارٍ مِنَ الْعِلْمِ، فَلَهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً
يَسِيحُهَا فِي الْأَرْضِ..". ([5])
3- قيل أنَّ عِيسَى
بن مَرْيَمَ عَليه
السَّلامُ كانَ أَمْسَحَ الرِّجْلِ ليسَ لرجلهِ أَخْمَصُ.
وإنَّ الدَّجَّالَ سَيَكونُ أَمْسَحَ العينِ؛ قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وصحبهِ وَسَلَّمَ: "..
الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ".([6])
4- أنَّ عِيسَى بن
مَرْيَمَ عَليه
السَّلامُ مِن عَلامَاتِ السَّاعةِ الكُبْرَى, وَهُوَ ثَانِيْها. وإنَّ
الدَّجَّالَ كذلكَ, وإنْما هوَ أوّلها؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآله وصحبهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهَا
لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ: فَذَكَرَ الدُّخَانَ,
وَالدَّجَّالَ, وَالدَّابَّةَ, وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا, وَنُزُولَ
عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عليه السلام
".([7])
5- أنَّ عِيسَى
بن مَرْيَمَ عَليه
السَّلامُ مِمَنْ أُرْجِأتْ حَيَاتهُ([8]),
وَلا تجرِي عَلَيْه أحْكَامُ الزَّمَانِ([9]). فَقَدْ
رَفَعهُ اللهُ تَعَالى إليْهِ قبلَ أكثرَ منْ ألفَي عَام:{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا
عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ }([10]) وسيُنزلهُ
اللهُ تَعَالى بعدَ الدَّجَّالِ ليقتلهُ كَما ثَبَتَ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَآله وصحبهِ وَسَلَّمَ: " يَنْزِلُ
الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقَيْ
دِمْشَقَ فَيُدْرِكهُ - أَيْ فَيُدْرِك الدَّجَّالَ - عِنْدَ بَابِ لُدّ فَيَقْتلهُ".([11]) وإنَّ
الدَّجَّالَ كذلكَ مِمَنْ أرْجِأتْ حَيَاتهُ فهُوَ مُقَيَّدٌ في جزيرةٍ, في كَهْفٍ,
مُنذُ زَماَنٍ يعلمهُ الله وسيخرجُ حين يأذن الله([12]).وبذلك
فهو أيضاً لا تجري عليه أحكام الزمان. غير أنَّهُمَا سَيَكُونَانِ في نَفسِ
الزمانِ.
6- أنَّ عِيسَى بن مَرْيَمَ عَليه السَّلامُ
نبي من انبياء الله { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ
وَكَلِمَتُهُ }([13]), بَعَثَهُ
اللهُ مُّصَدِّقاً بِالتَّوْرَاةِ, وَمُبَشِّراً بِمُحَمْدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي
رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ هَذَا سِحْرٌ
مُّبِينٌ}([14]) . وإنَّ
الدَّجَّالَ سَيَدَّعِي النُّبُوَّةَ؛ كافِراً بما جاء بهِ الأنْبِيَاءُ؛ قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وصحبهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ يَبْدَأُ فَيَقُولُ : أَنَا نَبِيٌّ ، وَلا
نَبِيَّ بَعْدِي ".([15])
7- أنَّ عِيسَى بن مَرْيَمَ عَليه السَّلامُ أطْرَاهُ
أهْلُ البَاطِلِ فَأخْرَجُوهُ عن الصِّفَةِ البَشَرِّيَّةِ بالألُوهِيَّة:{وَإِذْ
قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي
وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ
أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } ([16]), وإنَّ
الدَّجَّالَ سَيَدَّعي الألُوهيَّة؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآله وصحبهِ وَسَلَّمَ: "
...ثُمَّ
يُثَنِّي فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ, وَلَا تَرَوْنَ رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا وَإِنَّهُ أَعْوَرُ..". ([17])
8- أنَّ عِيسَى بن
مَرْيَمَ عَليه
السَّلامُ هُوَ الْمَسِيْحُ الْمُنْتَظَرُ عِنْد الْمُسْلمِينَ؛ وَقَدْ قَالَ
عَنهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وصحبهِ وَسَلَّمَ: "وَإِنّهُ
خَـلِـيفَتِـي علـى أُمّتِـي, وإِنّهُ نَازِلٌ .... يَدُقّ الصّلِـيبَ, وَيَقْتُلُ
الـخِنْزِيرَ, وَيُفِـيضُ الـمَالُ, وَيُقَاتِلُ النّاسَ علـى الإسْلاَمِ حتـى
يُهْلِكَ اللهُ فِـي زَمَانِهِ الـمِلَلَ كُلّها, وَيُهْلِكَ اللهُ فِـي زَمَانِهِ
مَسِيخَ الضّلاَلَةِ الكَذّابَ الدّجّالَ..". ([18]) وهو
بشكلٍ آخر الْمَسِيْحُ الْمُنْتَظَرُ عِنْد النَّصارَى حَسبَ تفسيرهم:(المسيح
المخلّص في مجيئه الثاني). ([19]) ,
وإنَّ الدَّجَّالَ هو الْمَسِيْحُ الْحَقيْقِي الْمُنْتَظَرُ عِنْد الْيَهُوْدِ -
لِأنَّهُم لمْ يَعْتَرِفُوا بِعِيسَى-
وهو الحاكم مِنْ نَسْلِ داود الذي سَيُخلِّصَهم وسَيُعِيْدْ مملكتهم, حسب التوراة
والتلمود([20]).
وَلَكِنْ خَلَقَ اللهُ المَسِيحَيْنِ: أَحَدهُمَا ضِدُ الآخَر:
* فَعِيسَى مَسِيْح هُدى وَحَقّ, والدَّجَّال مَسِيْح ضَلالةٍ وبَاطِل.
* وعِيسَى مَسِيْحٌ بُعِثَ داعياً لله, والدَّجَّال مَسِيْخ يخرجُ ليكفرَ الناسُ بالله.
* وعِيسَى نبيٌ, والدَّجَّال سَيَدَّعِي النُّبُوَّةَ ليفتنَ الناسَ.
* وعِيسَى لم يَدَّعِ الألُوهيَّة, ولمْ يَأمُر النَّاس بِعِبَادتهِ, والدَّجَّال سَيَدَّعِي الألُوهيَّة, وَسَيَأمر بِعِبَادتهِ.
* وعِيسَى أيَّدهُ اللهُ بالمعْجِزَاتِ الحقِيْقيةِ الملْمُوسةِ لِيثُبتَ أنَهُ مُرْسلٌ مِن اللهِ, والدَّجَّال تؤيّدهُ الشَّياطينُ بِالخَوارقِ والخِدَعِ والخَيَالِ والسِّحْرِ لِيثُبتَ أنَهُ اللهَ .
* وعِيسَى ليس أعوَر, والدَّجَّال أعوَر.
ثانياً: معنى الدَّجَّال:
جَاءَ في لِسَان الْعَرب([21]) :(
الدَّجَّال هو الْمَسِيْحُ الكذَّاب، وإِنما دَجْلُه سِحْره وكَذِبُه. ... سُمّيَ بذلك
لأَنه يَدْجُل الحَقَّ بالباطل، وقيل: بل لأَنه يُغَطِّي الأَرض بكثرة جموعه،
وقيل: لأَنه يُغَطِّي على النَّاسِ بِكُفْرِهِ، وقيل: لأَنه يدَّعي الربوبية، سُمّيَ
بذلك لكذبه، وكل هذه المعاني متقارِب ). أ هـ
إذنْ الدَّجَّال من الدَّجلِ وهو الكَذِبُ والسِّحرُ والتَّمْويْهُ, وهو أيضاً الخلط واللبس لِخلطه
وإلباسهِ الباطل بالحق. وهو أيضاً التغطية لأنَّهُ يغطي الحقَّ بالباطل.
وبالجمعِ بينَ المعنى الأول: (الْمَسِيْح),
والمعنى الثاني (الدَّجَّال) تَتضَحُ مَعَاني: الْمَسِيْح الدَّجَّال,
ومَسِيْحَ الضَّلالَة, والكذَّاب, وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الألفَاظُ بِأحَادِيْث صَحِيْحَةٍ
ثابتةٍ كَثِيْرةٍ.
ثالثاً: مَعْنَى
الْمَسِيْخ والأعوَر:
جَاءَ في الْقامُوْس الْمُحيط([22]):(والمسيخ:
المشوَّه الخلق). أ.ه , وجَاءَ في تاج العروس([23]) :(والمسيخ:
المشوَّه الخلق. قيل: ومنه المسيخ الدَّجَّال، لِتَشْوِيهِهِ وعورِ عينهِ عوراً مُخْتَلِفَاً). أ.ه
وجَاءَ في
لِسَان الْعَرب([24])
:(
ورجلٌ مَمْسوحُ الوجهِ ومَسِيحٌ: ليسَ عَلى أَحَد شَقَّيْ وَجْهِهِ عَيْنٌ وَلا
حَاجِبٌ. والمَسِيحُ الدَّجَّالُ: منه على هذه الصفة؛ وقيل: سُمّيَ بذلكَ لأَنه
مَمْسوحُ العين... المَسِيحُ الأَعْوَرُ وبه سمي الدجال.) أ.ه وجَاءَ في لِسَان
الْعَرب([25]) :( العَوَرُ: ذهابُ حِسِّ إِحدى العينين.) أ.ه
إذنْ الْمَسِيْخ الأعور هُو: الممسُوخُ
خَلْقاً لأنَّ إحْدَى عَيْنَيْه عَوْراء, أو مَطْمُوسَة, أو طافية أو ممسوخة.
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وصحبهِ وَسَلَّمَ: " الدَّجَّالُ
أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ".([26]) وَقَالَ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ
عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ".([27]) وَهَذا
دَلالةٌ قَاطِعَةٌ عَلى مَسْخهِ وَنَقصِهِ.
وهُنا أقولُ: لَقَدْ
عَجِبْتُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهم: أنَّ لَفْظَةَ (المسيخ): مِنْ بِدَعِ الْقَوْلِ وَمِنْ
الْمُحْدَثَاتِ التي لَمْ يَأتِ بِها نَصٌّ شَرْعِي مِنْ حَدِيْثٍ لِلنَّبيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا مِنْ الصَّحَابَةِ وَعَلى
رَأْسِهِم الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُوْنَ؛ فَيَجِب التَّوَقُّف
عَلى مَا سَمَّاهُ بهِ الْحَبيبُ الْمُصْطَفَى:(المَسِيحُ الدَّجَّال) أو (مَسِيْح
الضَّلالَة). أوْ قَوْلِ بَعْضِهم: هِي تَصْحِيْفٌ أو تَحْرِيفٌ, أو مُبَالغةٌ, أوْ
أنَّ أهلَ السُّنةِ يُسمّونهُ (المسيح), والشيعة يُسمّونهُ (المسيخ). ([28]) ولِذلك
أقول أنَّ لفظةَ (المسيخ) وَرَدَتْ بِأحَادِيْث صَحِيْحَةٍ ثابتةٍ كَثِيْرةٍ؛ ومنها: "وَيُهْلِكَ
اللهُ فِـي زَمَانِهِ مَسِيخَ الضّلاَلَةِ الكَذّابَ الدّجّالَ". ([29])
"
وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ المسِيْخَ
الدَّجَّال".([30])
"
أنا المسِيْخُ وإني أوشك أن يؤذن لي بالخروج
فأخرج".([31])
وإلى لقاءٍ مع الجزء الثالث: ما هيَ أوْصَاف الدَّجَّال؟!!... قريباً إن شاء الله.
د.
ناصر السخني
([2]) رواهُ أحمد في مسندهِ عن أبي هريرة(2/291 حديث 7892), وصححهُ
أحمد شاكر(15/28), وحَسَّنهُ شعيب الأرنؤوط, وحَسَّنهُ
ابن كثير في نهاية البداية والنهاية (1/159),
وجاءت لفظة " مسيح الضلالة " في رواياتٍ صحيحة كثيرة عن أبي هريرة
وغيره؛ منها: الهيثمي في مجمع الزوائد (7/351 و 352), و(3/181), والوادعي في الصحيح المسند(1071),
والبوصيري في اتحاف الخيرة المهرة(3/131), وابن حجر في فتح الباري(13/108), وابن
تيمية في الجواب الصحيح(5/252), وابن جرير الطبري في
تفسيرهِ(3/1/373), والألباني في صحيح الموارد(1598), وغيرهم.
([6]) رواهُ مسلم في صحيحهِ (2933 و2934), وصححهُ الهيثمي في مجمع
الزوائد (7/346) و(8/6), وصححهُ ابن حجر العسقلاني في الإصابة(4/26), وفي تخريج
مشكاة المصابيح(5/147), وصححهُ السيوطي في الجامع الصغير, وصححهُ الألباني في صحيح
الجامع (3402), وفي السلسلة الصحيحة(2934), وحسنهُ الوادعي في الصحيح
المسند(1072).
([28])
قال ابن حجر في فتح الباري (13/82):(أَنَّ مَنْ قَالَهُ بِالْخَاءِ
الْمُعْجَمَة صَحَّفَ, وَالْقَوْل فِي سَبَب تَسْمِيَته الْمَسِيح بِمَا يُغْنِي
عَنْ إِعَادَته هُنَا. وَحَكَى شَيْخنَا مَجْد الدِّين الشِّيرَازِيّ صَاحِب
الْقَامُوس فِي اللُّغَة أَنَّهُ اِجْتَمَعَ لَهُ مِنْ الْأَقْوَال فِي سَبَب
تَسْمِيَة الدَّجَّال الْمَسِيح خَمْسُونَ قَوْلًا, وَبَالَغَ الْقَاضِي اِبْن
الْعَرَبِيّ فَقَالَ: ضَلَّ قَوْم فَرَوَوْهُ الْمَسِيخ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة,
وَشَدَّدَ بَعْضهمْ السِّين لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسِيح عِيسَى بْن
مَرْيَم بِزَعْمِهِمْ, وَقَدْ فَرَّقَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ فِي الدَّجَّال " مَسِيح الضَّلَالَة " فَدَلَّ
عَلَى أَنَّ عِيسَى مَسِيح الْهُدَى, فَأَرَادَ هَؤُلَاءِ تَعْظِيم عِيسَى
فَحَرَّفُوا الْحَدِيث)أ.ه
جزاك الله خير عن كل ما تقدمه لنا والجميل ان جميع ماتم نشره في هذا المجال متوافق مع الكتاب والسنه فبوركت وبورك كل مسلم يعمل على تبصير المسلمين وانارة دروبهم بما افاء الله عليه من نعمة ونحن بانتظار المزيد
ردحذفعندي سؤال مهم يا دكتور:
ردحذفلماذا فتنة الدجال؟!!!لماذا يفتنا الله بها؟؟!!
والله انه شي محيرني.
اتمنى الاهتمام والاجابة وعدم الاهمال
لأنك من الناس الذين نثق بدينهم وفقههم.وشكرا
الباحث عن الحق والحقيقة:
أخوك في الله:
محمد عبدالله السنوسي
الإجابة في سورة العنكبوت (3-4):
حذفقال الله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُون وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)
أخي الفاضل والمعلم لنا د.ناصر السخني:
ردحذفسلمت جهودك والى الامام ..........هاأنا أنور نفسي بما تجتهد به لأمة محمد عليه الصلاة والسلام .وأنا على ثقه بكل ماتزوده بنا على الموقع من معلومات قيمه.
الله يجزيك عنا كل خير وينورك كمان وكمان امصلحتك ومصلحتنا جميعا.
دعواتك